فلسفة العشق

فـــلســــفــة العــــــــشـــق و الجـــــــــنون ...



حكى الأبشيهي في كتابه " المُتطرَف في كُلِ فّنٍ مُستضرف " أن رجُلاً خرج في طلب إِبل لهُ فلمّا أظلم الليل بحث عن بعض البدو
القريبين علّهُ يبات ليلهُ عندهم وهو كذلك سمِع بكاء شديد فـذهب في طلب مصدر الصوت فأقبلت فإذا راعي أغنام بجوار شجره ينشد :

وكنت إذا ما جئت سعدى أزورها
أرى الأرض تطوّي لي ويدنو بعيدها

من الخفرات البيض ودّ جليسهُا
إذا ما انقضت أحدوثةً لو تعيدها



فقال : سلمت عليه ورد السلام وقلت لهُ أني رجُلٌ أبحث عن أبلي الضائعه ورحبّ بي وقام في ضيافتي بعد أن أخذني إلى خيمةُ فقام بضيافتي
وعندماحّل آخر الليل فإذا بجاريةٌ أقبلت من كبد الوادي فوثب الراعي يقبل الأرض حتى وصل إليها وجعلا يتحدثان وأنا أنظر لهما بعد ان جعلت
الراعي يظّن أني نائم وبقيا على هذه الحاله حتى الفجر و عانقها وبكى وبكّت الجاريه وبقيت عندهُ في الليله الأخرى حتى جاء وقت قدوم تلك الجاريه
فقلت لهُ : أنّي أريد النوم وذهب الراعي لإنتظارها كالعاده فلما تأخرت قدِم لي وقال : هل رأيت تلك الجاريه التى كانت بالأمس هُنا تِلك أبنت عمّي
وإنّي محبٌ وعاشق لها وهي كذلك وقد منعني أباها من تزويجها لي لفقري وقد أصبحت راعي بسببها وكانت تزورني كُل ليله وقد تأخرت وقلبي يُحدثني
أن الأسد قد إفترسها ثم أنشد يقول :


ما بال ميّةَ لا تأتي كعادتها
أعاقها طربٌ أم صدّها شغلُ

نفسي فداؤك قد أهللت بي سقماً
تكاد من حرّة الأعضاءُ تنفضل



ثم أنطلق من عندي يبحث عنها وعن سبب تأخرها وغاب بعض الوقت وأتى ومعه بعض أشلاء بنت عمّه وقد إفترسها الأسد ثم رما أشلائها بين يدّي
وأخذ سيفه وإنطلق دون ان يحدثني ثم غاب بعض الوقت وأتى وفي يده رأس الأسد فطرحه أمامي وأنشد يقول :

ألا أيها الليثُ المدلُّ بنفسه
هلكت لقد جريت حقاً لك الشراّ

وخلفتني فراداً وقد كنت آنساً
وقد عادت الأيام من بعدها غبراّ



ثم قال لي : ياأخي سوف أموت بعد قليل وأريد منك جمع أشلائها ودفنها معي في قبر واحد وخذ ماشيتي وسوف تأتيك عجوز في الغّد تبحث عني
وتلك والدتي فقل لها ما حدث وسوف تموت وأدفنها في جانب قبرنا يقول : والله ماهي إلا سويعات بسيطه حتى صاح ومات وصليت عليه وفعلت ماطلب مني
حتى جاء الصباح جائت العجوز فسألتني عن الراعي وقلت لها ماحدث له فأخذت تصيح وتبكي وتنوح عليه حتى أقبل الليل و ماتت فغسلتها وكفنتها وصليت
عليها ودفتنها بجانب قبر أبنها و عشيقته فأخذت الماشيه وقصدت الحّي لبنى عمهم فأعطيتهم الماشيه وأخبرتهم بقصتهم فبكى عليهم القوم بكاءاً شديداً ثم مضيت
إلى أهلي وأنا متعجب ممّا رأيت وحدث " أ. هـ "...


هنالك الكثير من القصص اللتي نسمع عنها وتروى قديماً على شاكلة هذه القصه وهناك الكثير من مات بسبب العشق والهوى ولكن ياترى مالسبب في الموت
بسبب العشق ؟ وماهو هذا العشق ؟ ولماذا العشق كان عند أجدادنا بهذه العظمه وعندنا أصبح معدوم ؟ أسئله كثيره تطرح نفسها لمعرفة أسرار هذا العشق
وفلسفته الجنونيه .


ذكر الجاحظ أنه في بلاد الهند عندما يعشق الرجل يذهبون إلى أهله يعزونه لأنه أصبح مثل الميت بل أن ملك من ملوك الهند سمع ان عاشقاً مات بسبب
العشق فأرسل للمعشوقه فقتلها به لأنه يراها هي السبب في قتله غريب أمر هؤلاء العاشقين هناك من يعتبره مرض يصيب الإنسان وهناك من يعتقد أنه موت
فالعاشق إنسان ميت روحياً حّي جسدياً ...


العشق هو مرحله من مراحل الحب لا أود الخوض في درجات الحب ولكن العشق مرحله من أكبر مراحب الحب عندما يعشق الإنسان يرى فمن يعشقه كأنه
هو سبب وجوده على الأرض أو هو الكيان الذي من أجله خلق فالبعد عنه والفراق او الموت يعني إنعدام سبب وجوده في هذه الدنيا فالعاشق يرى نفسه مرتبط
المصير بالمعشوق بل ينظر للمعشوق بأنه أهم من نفسه هو فالفنتازيا التي يتصورها واقع يعيشه فيتصور المعشوق هو الهواء الذي يتنفسه وهو الدّم الذي يجري في عروقه
وهو الماء الذي يشربه فمن منّا يستطيع العيش بدون هواء او ماء أو دم ولايقتصر على هذه العناصر الضروريه فقد بل يتعداها لكل سبب آخر سواء كبير أو صغير
فهو قذف يقذف في روح الإنسان وإبتلاء ييبتلى به بل أنه هو المرض الذي لاشفاء منه فيكون الإتصال بين العاشق والمعشوق إتصال روحي بل أنه هو يعتبر بمثابة
الصوفيه العشقيه فيصبح هذا العاشق متصوف لدرجه تزّمتيه لا نظير لها عندما يبتعد عنه المعشوق تجده يهّيم في الارض ولا يعرف ان يتجه بل أن عقله يُسلب منه
فيصبح مثل المجنون الذي لايعرف ماذا يفعل بسبب أي حادث عرضي يحدث له من قبل المعشوق أو قبل آخرين يجعلونه لا يأخذ مايريد من المعشوق من جلسه او حديث
فيجّن جنونه فالعرب تقول هناك " مجنون ليلى " فالجنون هُنا رغم إختزاله بشخص واحد كأنفراد بالتسميه ولكن المجنون ليست حكراً على شخص بعينه فكل عاشق
وصل لمرحلة العشق هو مجنون لأنه يفقد عقله بسبب معشوقه أو حتى يموت يفارق الحياة بسبب المعشوق فإتصاله في المعشوق لم تعّد مسألة عاشق ومعشوق كتسميه
فقط بل تعدت إلى مراحل أعظم وهي مسأله أبقى في هذا الكون او لا أبقى و العشق مرض كما وصفه ابو الطب أبقراط و كما جاء على لسان أطباء العرب والمسلمين
فأبن سينا كان يقول هذا والرازي وقد طرحوا العديد من الترياق له منها الجمع بين العاشق والمعشوق وهو الترياق الأكبر وكذلك محاولة وعض العاشق ومخاطبته وجلبه للمجالس وبعض العلاجات الأخرى لمحاولة شفائه من هذا المرض الخطير فالعاشق الذي يتحمل عذاب فراق معشوقه و يصبر على إبتلاء العشق دون أن يمارس الحرام وهو الإتصال
الجسدي فأجره عظيم لأنه لم يفعل الحرام رغم ميله الشديد والكبير لهذا العشوق



عندما تتصّور أن لا قيمة لحياتك إلا بوجود شخص واحد فقط هو المعشوق هذا عشق حقيقي عندما تحّس أن في لحظة رُأيت المعشوق انك لست في السماء أو الأرض
هذا عشق حقيقي عندما تعشق كل مايتعلق بالمعشوق سواء محسوسات او حتى جمادات هذا عشق حقيقي عندما تهمل نفسك لدرجة الضياع بكل أحوالك ويكون سعيك
في هذا العالم هو البحث ومحاولة لقاء أو مشاهدة المعشوق بأي طريقه كانت هذا هو العشق الحقيقي عندما سألوا الفيلسوف البريطاني العظيم برنارد شو : كيف تعرف
أنك عاشق ؟ أجاب : " عندما تتصرف ضد مصلحتك الشخصيه وقتها تعتبر عاشق " المصلحه الشخصيه هنا ليست محدده بل مبهمه لتشمل كل امور حياة العاشق
سواء شخصيه بحته او إجتماعيه أو أقتصاديه أو حتى دينيه لأن عندما يُسلب العقل بدرجه كبيره يصبح التقصير من قبل العاشق في كل مجالات حياته حتى القدسيه منها...!


هذا عشق الامس وعشق أجدادنا ولكن السؤال يظل هل يوجد في وقتنا الحاضر من هو " عاشق " بالمعنى الحقيقي والجنوني للكلمه ؟
سؤال قد أكون متشائم لو قلت انه لايوجد بهذا الزمان عاشق مجنون بل يوجد محب وهاوي وقد يكون مغرم في أعلى درجاتة حبّه أما العشق
فأنا أستبعدها نظراً لأن حب اليوم أصبح غايه جسديه والوسيله هي الطرق الكلاميه والغراميه والفنتازياالتى يمارسها الطرف الذي يُريد إشباع
شهوته على حساب أشياء أخرى فتجده يصّور نفسه بالعاشق والمجنون والهايم لتحسّيس الآخر بمدى عظم قدره عنده لينال مراده المنشود
فـالعّفه أصبحت هي مثل الصنم في طريق عبادة الجسد فلزم تكسير هذا الصنم للإستمتاع بالجسد للآخر للحصول على اللّذه المنشوده
كثيره هي الأشياء التي ضيعناها عن أجدادنا فــالإسلام الحقيقي المتعدل أضعاناه والصفات الحميده أغلبها ضاع وحتى في عشق الأجداد أضعنا
الكثير من عفته و عظمته ولم يبقى سوى بعض الصنميات السلبيه التي كان أجدادنا يتمسكون بها وتعتبر مثل النقطه السوداء في ثوبهم هي ماتمسّكنا
بها حتى أصبحنا نخجل على أنفسنا من هول ما أضعناه من تراثهم العظيم والقويم ...!

مشكوررررررررررررررررررررر

عفواااا

مشكور يا عشق انت هههههه

هههههههه

عــــفـــــــــــــوا هههه

يو ولكم
هههههه

مشكووووووور دن دن :=d>:

عفوااا
نورتي بمرورك